الكلدان منذ بدء الزمان


عرض/ نوري بطرس

هذا هو عنوان الكتاب الذي الفه عامر حنا فتوحي، و هو بحث في الهوية القومية الكلدانية، وقد كَتَبَ القسم الاكبر منه في منتصف عام 2001 كما يقول المؤلف في المقدمة، وانتهى من كتابته في ايلول سنة 2004 والتي توافق سنة 7304 كلدانية بحسب رأي المؤلف. ان الكتابات الرافدية القديمة اطلقت على الكلدان القدماء في العصر البابلي تسمية كلدايي ومفردها كلدايا وموطنهم كلدو ولغتهم الام كلديثا وانتمائهم لهذه الارض واللغة كلديونا، و من خلال تخصص المؤلف في مجال فنون وتأريخ وادي الرافدين لفترة تزيد على ربع قرن، استطاع الاطلاع على اغلب المصادر ذات الصلة بالموضوع،  ويؤكد المؤلف في الجزء الاول من الكتاب على ان التسمية الكلدانية هي التسمية العرقية الوحيدة بين كل التسميات القديمة في بلاد الرافدين. وكذلك يتطرق الى التسميات والمدلولات والاشارات والرموز التي برزت في فترة تكوين الدولة الكلدانية، وان اشهر ملوكها هم: شروكين، حمورابي، مردوخ وهو الملك الكلداني الثائر، نبوخذ نصر الثاني، نبونائيد الملك الحاكم،كما جاء ايضاً في الجزء الاول، بابل ام الحواضر وكأس ذهبية بيد الرب، الجنائن المعلقة وبرج بابل، لعنة بابل، بابل واليهود، هذه هي اهم مواد الجزء الاول، اما الجزء الثاني فهو بعنوان استساغة الوهم، وهو عبارة عن تصويب لمغالطات، ويرد الكاتب عليها فهو يقول، بان الكلدان ليسوا طائفة، بل هم اعرق امة دونما جدال، قومية عرفها وطننا الام بيث نهرين، و ان كلدان اليوم هم احفاد اولئك الملوك العظام الذين تفاخروا علناً ومنهم (مردوخ) وغيرهم  من السلالات البابلية بانتمائهم الكلداني، وان الكلدان كانوا شعباً واحداً ولم يكونوا كهنة أو سحرة وعرافين كما يدعي البعض، كما جاء في كتاب روثن الموسوم (علوم الكلدان) وفي كتابات اوبنهايم، و سيتون لويد و جوان اوتس والبروفيسور إضساكس وغيرهم، وكما وردت تسمية الكلدان في الكتاب المقدس (العهد القديم) وفي قاموس (اوجين منا) والاب (سهيل قاشا) الموسوم اثر الكتابات البابلية في المدونات التوراتية، والكلدان حكموا بلاد الرافدين ما يعادل سلالة كلدانية وهي الحادية عشرة الامبراطورية، علماً بان التأريخ السلالي الواقعي للامة الكلدانية انما يعود للكلدان الاوائل (اريدو) 5300 ق.م. كما ان كلدان العهد البابلي الحديث كآخر سلالة قومية وطنية كانوا هم وليس احد غيرهم ورثة ما يزيد على خمسة الآف عام، من الحضارة الرافدية التي ابتدأت في اريدو عاصمة الكلدان الاوائل. وعندما دخل المسلمون بابل وجدوا ان 90% من العراقيين ينتمون الى كنيسة المدائن، ويقول (امين الريحاني) بان تسمية بغداد بابلية الاصل، ويسكنها الاغلبية الناطقة بالسورث وليست ارض مهجر، كما ان كلدان الحيرة وبغداد وسامراء وحدياب والموصل في العصر العباسي يمثلون طبقة كبيرة من الشعب، كما ان ملوية شيمورم (سامراء) بناها المهندس الكلداني دليل بن يعقوب النصراني واستوحى تصميمها من اجداده الكلدان وجاءت مطابقة لطراز الابراج البابلية وتشبه الى حد بعيد برج كهنة القمر ننارسين من أور الكلدان، و ان تنقل الكلدان بين مستوطنهم التأريخي وسط وجنوب العراق وبين بلداتهم في منطقة دشتا وطورا ابان عهد تنامي قوة اشور كان واقعاً مفروضاً عليهم والنجاة بحياتهم من سطوة المحتلين الاجانب ومن مختلف الاصقاع. و مازال القسم الاعظم من الكلدان يعيشون في مناطق تواجدهم التأريخية في بغداد والمدن الكبرى، قبل حدوث الهجرة المعاكسة، تلك الهجرات التي ادت الى نقل مليون كلداني الى كوردستان في عهد الدولة الاشورية والمناطق المجاورة لها. ولقد حافظ الكلدان على عاداتهم وتقاليدهم وموروثاتهم وشواخص حضارتهم في المناطق التي هاجروا اليها منذ سقوط بابل. كما نُقل العديد من الحرفيين والعلماء والاطباء الى اقليم اشور للمساهمة في بناء مدينة دورشروكين وهي خرساباد بين تلكيف والقوش، كما نقل سنحاريب ربع مليون كلداني من بابل الى اشور، والقسوة التي ابداها اشور بانيبال بحق الكلدان كما جاء في كتاب جورج رو (العراق القديم) حيث جاء على لسان اشور بانيبال: دمرتُ بابل وملأتُ قلوب اهلها حقداً على اشور. وبعدها توالت هجمات الاعداء على الكلدان من الفرس والمغول والعثمانيين، واستمر الاضطهاد الى يومنا هذا بعد تفجير الكنائس في الاول من آب عام 2004، كما ان ادعاء البعض بان (شمورامات) التي كانت ملكة على اشور بانها اشورية حيث انها كلدانية النسب وان مسقط رأسها هو الضاحية البابلية الجنوبية التي تأسست فيها مدينة بورسيبا وهي مدينة الاله نابو اله الكلدان البابليين الرسمي مردوخ. كما ان اسم اشور الذي استخدم كتسمية لاقليم شمال الرافدين حيث يذكر الاستاذ (طه باقر) بان الاسم الاصلي هو سوبارتو أو شوبارتو نسبة الى الاقوام التي استوطنت هذا الاقليم كما استخدم هذا الاسم منذ العصر الاكدي. كما ان لغة الكلدو اشوريين هي الكلدانية واحياناً الآرامية كما سماها المطران (ادي شير)، كما لم يستخدم كلمة اشور الا كدلالة على الموقع الجغرافي، و ان التسمية الكلدانية هي تسمية قومية لاقدم شعب رافدي، وقد انتشرت مجاميعه على طول رقعة امتدت في بدايتها منذ 5300 ق.م من الاهواز شرقاً وحتى دير الزور غرباً ومن قطرايا جنوباً وحمرين شمالاً، وقد تطرّق المؤلف بعد ذلك الى مواضيع اخرى كالاعياد القومية الكلدانية والعلم الكلداني ومواصفات ذلك العلم ومعانيه، ويستعرض المؤلف اهم العهود التي عاش خلالها الكلدان اثناء التسلط الاجنبي كالفرثيين والساسانيين والحكومات المتعاقبة الاخرى، وهناك ايضاً التاريخ الكرنولوجي للامة الكلدانية يبدأ من عام 5300 ق.م وحتى الوقت الحاضر، واهم الملوك الذين تعاقبوا على الحكم. وهناك في نهاية الكتاب مجموعة كبيرة من المصادر والمراجع العربية والكلدانية، وكذلك فقد عرف الكاتب نفسه للقراء في ختام كتابه، فهو مؤسس المتحف القومي الكلداني في الولايات المتحدة ومستشار في التأريخ الرافدي لمشروع انجاز مبنى كنيسة مار ادي الكلدانية على الطراز البابلي 1999-2004 و رئيس المركز الثقافي الكلداني في ديترويت 1997-2003 وألف اربعة كتب في مجال التأريخ الرافدي، وعمل في مجال تدريس فنون وتأريخ وادي الرافدين في المركز الثقافي الكلداني في الولايات المتحدة. واهم مؤلفاته هي أور الكلدان، آلهة وشياطين، بحث في رموز آلهة العراق القديم، الكلدان شمس لا تنطفىء، الاشوريون سكان أم دولة، رواية تأريخية وكتاب موسوعي بعنوان الاتجاهات والاساليب والفنون والعمارة عبر التأريخ. وله قاموس كلداني عربي انكليزي، وكتاب اللغة الكلدانية.   

تعليقات