رفقاً بنظامنا التربوي ايّها التربويون
(2 -3)
صخريا شعيا منصور
من الواضح والمعلوم ان العالم شهد تطوراً حضارياً وتكنولوجياً
سريعاً في العقود الاخيرة من القرن الماضي، تمثل بوسائل وابتكارات كلها تصب في
خدمة الانسان وفي جميع مجالات الحياة، وادت وتؤدي هذه التطورات والابداعات الى أن
يتكيف الانسان معها وان يسايرها حتى وان جهل كيفية استعمالها او الغرض منها، لاشك
بان تلك الابداعات ادت الى تحسن نوعي في تفكير الانسان، جعله يلجأ الى الوسائل
العلمية لتنفيذ مشاريعه وبناء مستقبله، وكذلك للتخطيط لما يريد لتأمين حياة الغد بصورة
افضل. هكذا تطورت الحياة بصورة عامة مستفيدة من كل ما تقدم وكان نصيب التربية
والتعليم من هذا التطور كبيراً ايضاً.
إن نقطة البداية لمعالجة الواقع التربوي وتطويره مستفيدة
من التطور العلمي وبالاستناد عليه، يتمثل في التوسع بانشاء المدارس في جميع
المناطق وفق النموذج المتطور، على ان تشتمل على كل ما تتطلبه عملية التربيه
والتعليم من مستلزمات و وسائل، وبهذا نكون قد انتهينا من مشكلة كبيرة تعرقل سير
التعليم بصورة جيدة وهي مشكلة ازدواج الدوام (الدوام الثنائي او الثلاثي)، وبذلك
يمكن ان تمارس المدارس أنشطة مختلفة تؤدي الى رفع المستوى العلمي والتربوي
والاجتماعي للطلاب، ولتحقيق هذه الغاية ولتذليل العراقيل امام هذه الخطوه (بناء
المدارس) ولتوفير الامكانات المادية لها، نرى ان يصار الى فرض ضريبة او استيفاء
رسوم محددة باسم (ضريبة بناء المدارس) يذهب واردها الى صندوق خاص وتنظيم هذه
العملية بقانون، ويتم تشكيل لجنة عليا تكون مهمتها الاشراف على هذا الصندوق وعملية
بناء المدارس، وهكذا و وفق خطة مدروسة يمكن القضاء على ظاهرة قلة المدارس
وازدحامها والتي ستكون مفتاحاً لكل الامور الاخرى، كما ان التخطيط يلعب دوراً مهماً
في تنفيذ العملية التربوية، فالتخطيط السليم يؤدي الى نتائج صحيحة وسليمة وخاصة
اذا استند على اسس علمية والعكس صحيح ايضاً، وعليه فان مجرد حصر الاطفال الذين
سيكونون بعمر المدرسة (6 سنوات) يؤدي الى معرفة عدد الصفوف الواجب فتحها وكذلك
المعلمين المطلوبين لذلك، ان اعداد الاطفال يمكن الحصول عليها بسهولة اذا ما تم
التنسيق بين دوائر الصحة ومستشفيات الولادة التي تسجل فيها الولادات وبين المؤسسات
التربوية ذات العلاقة واقصد هنا المديرية العامة للتخطيط في وزارة التربية
والمديريات التابعة لها، كما ان معرفة اعداد الطلاب الذين سيلتحقون بالمدارس من
الطلاب المستجدين يؤدي بنا الى معرفة عدد الكتب المنهجية الواجب توفيرها وطبعها
والرحلات التي يحتاجونها وكل مستلزمات الدراسة الاخرى بصورة سهلة ودقيقة، ان ما
ذكرناه آنفاً يشمل رياض الاطفال ايضاً، ويمكن ان نطبق نفس الطريقة على بناء رياض
الاطفال حتى تستوعب جميع الاطفال المشمولين، لأن الروضة هي الاساس حيث يتعلم الطفل
فيها العلوم والاخلاق والتربية التي تجعله مؤهلاً لمواصلة حياته التعليمية في
المدارس الاساسية، فاذا كنا نطمح ان تكون رياض الاطفال والمدارس الاساسية كما نريد،
علينا ان نسير بها وفق خطة مدروسة تجعل الطفل والطالب يحبهما اكثر من بيته، ومتى
ما تحقق ذلك نكون قد نجحنا في خطتنا.
ان من جملة العوامل التي تجعل الطفل يحب المدرسة اكثر من
بيته هي حبه لمعلمه ودروسه، وهذا يتأتى من خلال توفير الوسائل اللازمة لتحقيق هذا
الغرض ومنها: ان يؤدي المعلم او المعلمة دور الأب او الأم ويغمر هذا الطفل البريء
والنظيف بحبه وحنانه ويحل له مشاكله ويوفر له ما يريد كي يواصل هذه المسيرة التربوية
بصورة صحيحة دون ان يمس شخصيته ومعنوياته بشيء، وكذلك يجب تقوية العلاقة مع البيت
والعائلة كي يتعاون الطرفان لتحقيق الاهداف التي يرجوانها. ان المعلم هو لولب
العملية التربوية في المدرسة، وعليه تقع مسؤولية اعداد الجيل الذي يتولى تعليمه،
فهو يتمتع بالصفات والمؤهلات التي تمكنه من ذلك، يقول الكاتب انور ابراهيم بلباس
في مقالة له في جريدة (خبات) الغراء في العدد 3387 بتاريخ 31/1/2010 وباللغة الكوردية:
"المعلمون هم طبقة تعمل بجد ونشاط دون كلل من اجل تربية هذا الجيل، ولا يمكن
ايجاد تعريف محدد للمعلم فهو بحد ذاته تعريف، وعظمته لاتضاهيها اية تعابير او جمل،
فالمعلم ليس الطبيب او المهندس.. الخ ولكنه صانع هؤلاء جميعاً"، ان الاهتمام
بالمعلم وتوفير المستلزمات الضرورية له من اجل قيامه بواجبه على الوجه الاكمل هو
من واجب الجهات المسؤولة وفي المقدمة منها: تزويده بالعلوم والمعارف المتطورة،
وادخاله دورات تدريبية وتنشيطية بصورة مستمرة، ليصبح مؤهلاً للقيام بالدور المكلف
به على ان ترافق ذلك عملية تقويم شامل، واخضاعه الى امتحانات منهجية وكفاءة كل عدة
سنوات حتى يتواصل مع المادة العلمية والاساليب التربوية وطرق التدريس الحديثة، إن
تولي ادارات تربوية كفوءة وقديرة قيادة العملية التربوية في المدارس من شأنه دفع
مسيرة التربية والتعليم الى الامام جنباً الى جنب مع جهاز الاشراف والمسؤولين
التربويين الاخرين، لأن القيادة هي صمام الامان لتنفيذ كل المهمات التربوية
وايصالها الى شاطئ الأمان.
العدد 45 مارس 2010
تعليقات
إرسال تعليق