نحن ملح الارض


نحن ملح الارض
احداث الايام  الدامية ما زالت تُصَّور وتُعرض من على بعض شاشات  الفضائيات، التي تمجد ما يسمى بـ(المقاومة) التي تقوم بتنفيذ مجموعة  من الأعمال الخسيسة بحق المسيحيين الأُُصلاء أبناء هذه الارض الطيبة، التي يحاول تدنيسها الدخلاء من خلال اعمالهم  المشينة .
الجريمة التي أرتُكِبت بحق  بناتنا وابنائنا الطلبة ( من بغديدا العزيزة) وهم في طريقهم الى حيث مقاعد الدراسة والعلم، فرحين مستبشرين بيوم جديد، مبهورين بجمال الربيع الساحر.. وبينما هم يسبحون لله خالق هذا الجمال.. اندس بينهم احد الظلاميين بعربته المفخخة الهاربة من شعاع الشمس، والمختبئة بعيداً عن نور رب العالمين، ليفجرها ويمزق اجسادهم الطاهرة..
نحن مسيحيي العراق بنينا حضارة وادي الرافدين، وكان لنا دور كبير وفعال ببناء الدولة والحضارة العربية الاسلامية، والتاريخ يشهد لفلاسفتنا ومفكرينا وعلمائنا، إِلا اننا ما زلنا نُقتل، ان كان بالتهميش أو الاقصاء، أو بالمفخخات..
نعم..المسيحيون يُقتلون ويُهجّرون من بيوتهم، والحكومة تستنكر الاعمال الاجرامية بحق (الأقلية) المسيحية، المكون الأصيل صار أقلية، وهذه الاقلية بحاجة الى من يتعاطف معها، وكأننا نُحَمِّل الدولة فوق طاقتها، ونجعل السادة النواب والحكومة وأجهزة الأمن والمخابرات والشرطة والجيش، يبحثون عن الذي يقتلنا ويهجرنا ويهمشنا، ونشغلهم عن كسب لقمة عيشهم!. ومع ذلك فإن المرشحين للبرلمان والدولة والحكومة لم ينسوا مصالحهم من خلال البحث عن الكرسي الملائم، وقطع اراضٍ في ارقى مناطق بغداد واجملها، والحكومة تذكرنا دائماً بأن القوات الأمنية ما زالت تلاحق المجرمين، وانها ستضرب بيد من حديد على بؤر الاوغاد، وانها تعمل بثقة واقتدار، وتُعلن قائلة: ستكون ضرباتنا استباقية على اماكن الفساد والافساد، حتى لا يستطيع الارهابيون الفرار من قبضة العدالة. لكن ما يحدث على أرض الواقع ليس كما يُصرح به.. لأن بين تصريح وتصريح لا يوجد الا المزيد من الانفجارات. نعم، يتعرض كل العراقيين للقتل والتهجير، الاّ أن مصيبتنا أكبر، لأننا نُعتبر من ( اهل الذمة )، اي أننا لسنا مواطنين من الدرجة الاولى عملياً، وهذا ما يؤكده السياسيون من خلال الفضائيات .. ظهر احدهم في احدى الفضائيات وقال قولاً رائعاً فيه حكمة ودراية، ونطق بعد تمحيص وتحميص، والديمقراطية من لسانه تهدر هدير الامواج العاتية، ليعلن للعالم أجمع: "ان منصب رئاسة الجمهورية ليس حكراً لأحد، فمن حق  المسلم السني و الشيعي و الكردي والتركماني أن يرشح نفسه لهذا المنصب". ولم يقل أن هذا المنصب من حق كل عراقي. نحن لا نبحث عن المناصب السيادية وغير السيادية، لكنهم يعتقدون بأن المسيحيين ليسوا موجودين في خارطة العراق، أو انهم جاؤوا من بلدان اخرى، و ربما يكون المتحدث يحمل جنسية احدى الدول الاوروبية!!
... وما زالت قلوبنا مملوءة بالمحبة، وعقولنا لا تفكر بتهميش الآخرين، وايدينا ادوات عمل تبني العراق، وارجلنا تمشي الى امام ، وجسدنا يحمل العراق للوصول به الى بَر الأمان .. وما زلنا نطلب رحمة رب العالمين وغفرانه لقاتلينا.
الأُم التي فُجعت بقتل اولادها تطلب من الرب ان يهدي الذين صارت تجارتهم قتلنا، ودموعها غزيرة تنهمر حارقة وجنتيها، وحافرة اخاديد ألم وحزن على وجه ربما لن يعرف الفرح في قوادم الأيام.      
سلام مجيد
عدد 46 ايار 2010



تعليقات