طعم السمك الدَّموي
ابو يوسف
"سبحان الرب الذي خلقه كأنه حولي (أي صغير البقر
بعمر حول واحد أي سنة واحدة)..
"والله صدته وربطته في الماء كما تُربط العجول،
وبقي يسبح قرب الشاطىء حتى الصباح وانا استمع الى تقلب جسدهِ في الماء"..
"جاءني صياد بحمولة "بيكاب" كاملة من أسماك
البزّ وهي بطول دون الشبر الواحد، فكفرت بهِ وبعمله لهذا الهَدْر لثرواتنا السمكية
(سمك البزّ يمكن أن يكبر الى وزن يزيد عن الخمسين كيلوغراماً)..
هذه احاديث الصيادين العجيبة الغريبة، يطيب لي ان اسمعها
وأنا جالس في احدى مقاهي السمّاكة الصغيرة قرب الجسر الحديدي القديم، في مدينتي
التي لا أدري أي الأسماء اطلق عليها في ظل الارهاب الاسود الذي اغتصبها..
سمّاكون بسطاء وطيبون من ملابسهم تعرفهم، لقد عاشوا معظم
أعمارهم قرب الماء و هم يعرفون جيداً أسماء كل الأسماك التي كان نهر دجلة الخير
يزخر بها عند مرورهِ في مدينة الموصل.
ومقابل تلك المقاهي الصغيرة والمحلات البسيطة والبسيطيّات
على حافات الشارع، يقع سوق السمك الرئيسي في المدينة. فأنت اذا عبرت الشارع الى
جهة "الميدان" فإنك ستجد نفسك بين دكاكين السماكين ومعروضاتهم الجميلة
من مختلف الأسماك وبمختلف الأسعار، فهناك سمك متوفر للجميع، كذلك هنالك الانواع
الغريبة التي تدخل ضمن الوصفات الطبية كمعالجة المفاصل أو حمل العواقر من النساء،
فترتفع أثمان تلك الأسماك كلما سرت اشاعة حول فوائدها، واولها ثعابين الماء
والسلاحف البحرية التي استوطنت مياهنا وصارت مصدراً للطعام النهري، ولكنها الان من
الندرة بحيث لا تكفي ذوي الامراض التي يُنصح اصحابها بتناول لحوم تلك السلاحف.
هذا السوق كان هدف الارهابيين يوم الاثنين 14/6/2010،
ففي تمام الساعة التاسعة صباحاً انفجرت عربة خضار مفخخة لتقتل اثنين من مرتادي
السوق، وتجرح العشرات من الذين تواجدوا في ذلك المكان وفي ذلك الوقت كعادتهم كل
يوم.
ولا اخفيكم ان هذا الوقت من الصباح كان الوقت المثالي
لزيارتي لسوق السمك والاستمتاع بالجلوس في احدى مقاهيهِ الصغيرة.
هل لنا أن نقول لهؤلاء النفر الضال: كفى! فإن الذي
تصنعونه كفرٌ ما بعده كفر في كافة المقاييس الدينية والاخلاقية والانسانية.
والله انتم لستم من أهل الموصل ولا حتى من أهل البشر!
انكم "موتى الاختيار" الذين تحدث عنهم قبل اكثر من ثلاثين عاماً ابن
الموصل العلامة الدكتور فخري الدباغ شهيد حوادث "الطرق الصدّامية"..
والله اقولها: لو كان لكم ايمان بمقدار حبة خردل لما فعلتم هذا ايها العميان.
تعليقات
إرسال تعليق