* تراجيديا العراق
(35) خمسة وثلاثون عاماً جوّعوا اطفالنا.. وفقدنا خيرة
شبابنا في معارك الدكتاتور (الدونكيشوتية) ومغامراته الطائشة.
وطغى الرعب والفزع على معالم حياتنا.. وغابت الأبتسامة
من على وجوهنا ... وعانقنا الحبال من على مصاطب المقاصل والاعدامات.
واستنشقنا غازات صفراء سامة، وتعذبنا في زنزاناتٍ.. من
القضبان والحديد..
ونرى هذا فقد رجله وذاك يداه واخر عقله..
فأصبح العراق معوقاً يتيماً بائساً يسوده الظلم والطغيان..
سرقوا اصالتنا، سرقوا
ذاكرة (النرجس) و (القدّاح) الفواحة..
هدموا قرانا، وسقطت آخر محطاتنا..
ولم يعد في قرانا رجال .. ولا نساء يخبزن الخبز ويصنعن
اللبن.
طلبوا منا ان ندافع عن الوطن! .. فعن ماذا ندافع؟؟
لم يعد لدينا .. موطىء قدم..
تركوا جسدنا بلا عظام..
ولم يعد لنا ثمة
اطلال ... نبكي عليها.
كيف تبكى امةٌ اخذوا منها المدامع؟
وجاء المخاض.. وسقطت بغداد.
سقط آخر اصنام الدكتاتورية.
سقطت مواويل البطولة والتراث.
سقطت العساكر المزيفة.. وسقط التاريخ.
فلم يعد يُرعبنا شيء..
نتسابق في تهديم معالم الحضارة.. ونسرق الأبواب والحيطان
.
ركضنا .. ولهثنا.. ندمر آثار الثقافة والتراث..
و.. سقطت اعمدة الروح .. وأواصر المحبة
ودخلنا في .. (الطائفية) و (الحزبية الضيقة)
آه .. كمْ حلمنا بـ ( السلام) .. وحمامة بيضاء ..
وموانيء ومراسٍ آمنة هادئة ..
ووجدنا أنفسنا في (مطحنة) ..
يطحنوننا كيفما شاؤوا..
وهبونا وطناً – قنبلة موقوتة- انفجرت هنا وهناك وتشردنا
مرةً اخرى .. وتركنا البيوت والأملاك ..
فغاب عن الأزقة اولاد البلد.. و غابت الأبتسامة عن وجوه
شيوخ الحارة الذين بقوا وحدهم يحرسون ( دورهم) .
فأصبحنا مرةً اخرى غرباء، نازحين في وطننا.
تبكي الامهات الاطلال...
والشباب يهرول ..
الكل يريد ان يرحل .. يرحل نحو المجهول...
كيف لا يرحل؟
فقد اصبح المهر وأجرة قاعة العُرس وتنظيفها بالدولار و..
و..
كيف لا يرحل؟
فقد اسكتوا الشارع .. واعتقلوا جميع الاسئلة .. وجميع
السائلين، وتشرد الشباب على ارصفة الحزن يندبون حظهم.
نعم ياعراق.. كنت البقرة الحلوب.. واليوم أبناؤك ..
لا مأوى لهم، يقرعون ابواب الغير.. ويقصدون ديار الغربة
.
نعم ياعراق.. يومياً تُسرق آلاف البراميل من نفطك.. وتصدّر
الى .. وترجع الينا مقابل ذلك :
طلقة .. قنبلة.. عبوة ناسفة
واه ياعراق ، يا وطني العزيز .. واه يا جريح ..
واه .. واه
جان توماس جانو
مأساة ، فاجعة، رواية محزنة:tragedy *
تعليقات
إرسال تعليق