ضيف العدد 39
ترعرع في كنف عائلة
تشربت الفن وألفته من خلال الوالد (رحمه الله)، الذي كان معلماً و يمارس الرسم
كهواية، فكانت لوحاته تزين جدران بيوت معظم اصدقائه ما عدا بيته! حيث كان يهدي كل
ما يرسمه الى اصدقائه ومعارفه، وكان ايضاً يجيد العزف على العود ويمتلك خطاً جميلاً
جداً . معظم ابنائه ورثوا عنه صنفاً او اكثر من صنوف الفن الجميل.. ضيفنا اليوم هو
احد ابنائه والذي عرفناه خطاطاً ماهراً وقد يكون وحيداً في عنكاوا، وهو يمارس عمله
بمهنية عالية في ركن صغير من بيته.
جيل السبعينيات من القرن الماضي عرفه كعازف كيتار مقتدر
ضمن اول فرقة موسيقية تشكلت لاحياء الحفلات والاعراس في عنكاوا.. والطلبة يعرفونه
كمعلم في مدرسة اربائيلو السريانية في عنكاوا .. انه المربي والفنان الشامل رمزي
مرقس من مواليد عنكاوا 1957 .. استضفناه في بيث عنكاوا وحاورناه لنلقي الضوء على مواهبه
المتعددة التي اذهلتنا.. طرحنا عليه اسئلتنا فاجابنا بخجل وتواضع شديدين.. جعلناه يرجع
بالذاكرة الى الوراء ليُطلع القارىء على بداياته فقال:-
-
في المرحلة الابتدائية وفي العاشرة من عمري بدأ حبي للموسيقى والعزف،
واكتشفت ذلك في عرس خالي، عندما اخذت الطبلة (الدربكة) وبدأت اطبل واغني اغانٍ
شعبية كانت تغنى في الاعراس العنكاوية في نهاية الستينيات من القرن الماضي، فحظيت باعجاب
الحاضرين .
* متى بدأ اهتمامك بالخط؟
- في المرحلة المتوسطة بدأ اهتمامي بالخط العربي وجماله،
فتأثرت واعجبت بخط الاستاذ (سيروان) مدرس مادة الرسم - ومن قبله كنت معجباً بخط
والدي- وبدأت اراقب حركات يده وكيفية
الامساك بالقلم، فأخذت اقلده واخط عبارات على الورق وعلى الكارتون وباستخدام قلمين
في آن واحد. فاعجب خالي بخطي وشجعني على الاستمرار، فاهدى لي كتاباً لتعلم الخط
لمؤلفه (هاشم محمد البغدادي) وهو خطاط عراقي مهم.. فمن خلال قراءتي لهذا الكتاب
الثمين تعرفت على جميع انواع الخط العربي واجدت كتابتها، وكان والدي باستمرار
يراقب ويشجع تنامي موهبتي في العزف والخط .
* هل شاركت في
دورات للخط لصقل موهبتك ؟
- نعم شاركت في
دورتين اقامهما مركز شباب عنكاوا في نهاية السبعينيات من القرن الماضي للخط العربي
والزخرفة، ونُظم معرض في ختام كل دورة، اشتركت في الاول بلوحتين خطيتين وفي الثاني
بلوحتين تشكيليتين وبوسترين .
* اراك رساماً
ايضاً ؟
- نعم.. فانا
اجيد رسم الشخصيات والوجوه بمجرد النظر اليها بامعان.. كما اجيد رسم المناظر
الطبيعية معتمداً على خيالي، ارسم بالفحم وبالالوان المائية والزيتية .
* هل لك معارض
شخصية او مشاركات في معارض للرسم ؟
- كلا.. عدا
معارض مركز شباب عنكاوا.. اقتصرت مشاركاتي على المعارض المدرسية في دار المعلمين
حيث كنت طالباً فيها.
* والموسيقى هل
تخليت عنها؟
- عندما كنت
طالباً في المرحلة المتوسطة ، تعلمت العزف على الكمان ومن ثم على العود من خلال الدورات التي كان يقيمها مركز
شباب عنكاوا، واتذكر انني في تلك المرحلة اشتريت الة الكيتار بـ(5 دنانير) من
مصروفي الخاص وتعلمت العزف عليها دون مساعدة من احد. وعندما كنت طالباً في دار
المعلمين ، سمعني الاستاذ (ادور) - وكان
عازفاً ماهراً - وانا اعزف على الكيتار ، فاعجب بعزفي وشجعني على الاستمرار ..
وعندما تخرجت واصبحت معلماً، دعاني الى العزف معه في بعض الحفلات. ثم قمت بتشكيل
اول فرقة موسيقية في عنكاوا وكانت مؤلفة من (4) عازفين فقط.. احيينا الكثير من
حفلات العرس في بلدتنا وتعاقدنا مع المطاعم والفنادق السياحية للعزف في صالاتها في
فصل الصيف، ولكن مع بدء الحرب العراقية الايرانية انتهى كل شيء وتشتت الفرقة وانفرط
عقدها، واخذتنا الحياة العسكرية في دوامتها اللامتناهية، ودخلت كل مواهبنا في دور
السبات .
* بعد ان تسرحت من الجيش، هل دبت الحياة في مواهبك
الفنية المتعددة؟
- نعم .. بعد ان تسرحت من الجيش وتحديداً في فترة الحصار
الاقتصادي ، اتخذت الخط كمصدر للرزق لي ولعائلتي، حيث كنت امارس عملي في البيت، أخط
على القماش واحفر على الخشب والحديد
والمرمر .
* تخط بالعربي والسرياني والكوردي والانكليزي، الى اي خط
من هذه الخطوط تميل اكثر ؟
- استمتع اكثر عندما اخط حروف اللغة السريانية لكونها
لغة الام ولكوني متخصصاً بتدريسها، وطبعاً هذا لايقلل من شغفي بالخطوط الاخرى.
* هل لك معارض شخصية للخط السرياني ؟
- لي معرضان، الاول اقمته في قاعة مدرسة يزداندوخت قبل
السقوط والاخر في كركوك في 2003 بعد السقوط .
* بماذا يتميز الخط العربي عن الخطوط الاخرى؟
- يتميز الخط العربي بتعدد صوره في الكتابة واتصال الحروف
بعضها ببعض مما يكسبه ليونة ومرونة لتصوغ منه لوحات خطية.. على العكس من الخطوط
الاخرى التي عادة تكون متقطعة، ولكن انا احاول ان اجعل الخط السرياني ليناً ومرناً
كالخط العربي، فهو ايضاً له ثلاث صور هي الاسترنجيلي و الشرقي والغربي.
* هل طورت نفسك موسيقياً ؟
- نعم، فقد عكفت على تعلم قراءة النوتة الموسيقية، معتمداً في ذلك على نفسي
وعلى كتاب (مبادىء العلوم الموسيقية ) لمؤلفه جورج فرح.. فساعدني ذلك كثيراً في
التلحين.
* انت ملحن ايضاً ؟!
- اول لحن لي
كان انشودة وطنية تُنشد الى اليوم في كافة المدارس السريانية في اقليم كوردستان،
وهي انشودة (شمشا) لحنتها سنة 1998 . ثم لحنت اغنية (زهريرة د بهرا) لمناسبة الذكرى
الـ (150 ) للصحافة السريانية .
وضمن فعاليات (المدارس السريانية) السنوية، ألُحن كل عام
مجموعة اغانٍ للاطفال تصدح بها حناجر طلبة المدارس السريانية الابتدائية، ومن هذه الاغنيات: اغنية (يمي) و (زكا) و (باعن
ماثي) و (من بتهاو).
* ماهي طموحاتك وامنياتك المستقبلية ؟
- طموحاتي ان اعطي الحاني الى الحناجر الكفوءة من ابناء
شعبنا، واتمنى ان تنجح الاغنية السريانية وتحتل مكانة مرموقة تستحقها . كما اتمنى انتشاراً
اوسع لالحاني .
* نود ان توجه كلمة للقراء .
- في خضم التقنيات الحديثة علينا ان لا ننسى جمال الخط
اليدوي وسحره، ونصيحتي للشباب الذين يمتلكون موهبة فنية، إقرانها بدراسة اكاديمية
لصقلها وابرازها .
*وفي الختام ..
شكرناه وشكرنا واتعبناه ولم يتعبنا.. كان الحوار معه سلساً، ممتعاً، وشاملاً
كشموله.
تعليقات
إرسال تعليق