في دروب دور العدالة (الروب الأسود للأسرة القضائية)


في دروب دور العدالة (الروب الأسود للأسرة القضائية)

المحامي
مكرم البرزنجي
تتميز كل مهنة عن الاخرى بخصوصية او شعار معين او زيّ مختلف عن الاخرين .. واكثرنا كرجال القانون والعدالة عشنا في دور العدالة وبالخصوص في جلسة المرافعة، حيث الحاضرون من الجمهور ومحامي طرفي الدعوى والقاضى وعضو الادعاء العام وغيرهم من الحضور، وبالنسبة لنا  كرجال القانون هناك سؤال ربما لم يتبادر الى اذهان الكثيرين منا، وهو ماسبب ارتداء الروب الاسود اثناء المرافعة، ولِمَ اللون الاسود بالذات؟!
يعود السبب الى واقعة حدثت عام 1791م في فرنسا، في احد الايام حيث كان احد القضاة الفرنسيين جالساً في شرفة منزله يستنشق الهواء، وبالصدفة، شاهد مشاجرة بين شخصين انتهت بضرب احدهما للاخر وايقاعه صريعاً، ثم هرب الجاني المرتكب لهذه الجريمة، فاسرع احد الاشخاص الى مكان الجريمة واخذ المجني عليه الى المستشفى لاسعافه، ولكنه كان قد لفظ انفاسه الاخيرة ومات..
فاتهمت الشرطة الشخص الذي حاول انقاذ المقتول وكان بريئاً من هذه التهمة.. وللاسف، فقد كان القاضي الذي شاهد الجريمة هو الذي سيحكم في القضية، حيث ان القانون الفرنسي لا يعترف الاّ بالأدلة والبراهين، لذا فقد حكم القاضي على الشخص البريء بالاعدام! على الرغم من ان القاضي نفسه شاهد بأم عينيه الجريمة التي وقعت امام منزله .. وبمرور الايام ظل القاضي يؤنب نفسه على الحكم الذي اصدره وعلى الخطأ الفادح الذي ارتكبه، ولكي يرتاح من عذاب الضمير اعترف امام الرأي العام بانه اخطأ في هذه القضية وحكم على شخص بريء بالاعدام، فثار الرأي العام ضده واتُّهم بانه عديم الضمير والامانة، وذات يوم واثناء النظر في احدى القضايا، كان هذا القاضي رئيساً للمحكمة، وعند بدء الترافع وجد ان المحامي الذي يقف امامه لكي يترافع في القضية كان مرتدياً روباً اسود اللون، فسأله القاضي: لماذا ترتدي هذا الروب الاسود؟
فقال له المحامي: لكي اذكرك بما فعلته من قبل وحكمت ظلماً على شخص بريء بالاعدام .. ومنذ تلك الواقعة اصبح الروب الاسود زيّا رسمياً في مهنة المحاماة، ثم انتقل من فرنسا الى سائر دول العالم.

تعليقات