قصة قصيرة
ذنب من ؟!
فتحت عينيها على أثر سخونة شعاع الشمس المخترق زجاج
نافذة غرفتها باعثاً حرارة لا تطاق في ذلك الصباح الشتوي البارد. بعد ان مطت جسدها
وتثاءبت لتبعث النشاط في جسدها الفتي، نهضت من فراشها وارتدت ملاءتها الحريرية الملونة
بالوان ازهار الربيع و زرقة السماء، اتجهت صوب النافذة متأملة اشجار النخيل
والبرتقال، متعانقة مع اشجار اللوز والجوز، والازهار الرقيقة، محتمية بها كطفل
يحتمي بوالديه. هالها المشهد لأن السكون مطبق على المكان، فاغصان الاشجار ثابتة
كأنها صُنعت من معدن بارد لا حياة فيه، والازهار واجمة و وريقاتها الملونة تنظر
بقلق الى وجوم الاشجار، والعصافير لا تطير بين الاغصان وزقزقتها لم تعد تطلقها والغزل
انقطع بين طيور الحب.
تمتمت .. يا لهي ما هذا السكون المخيف؟ واين ذهبت
العصافير؟ .. وضعت كفيها على اذنيها.. ما هذا الطنين الذي يكاد يمزق اذني؟ .. بدأ
لون السماء يتغير واغصان الاشجار تتحرك حركات غريبة، والعصافير خرجت من اعشاشها مرتعبة،
والطنين صار صفيراً قوته تصم الآذان، واشباح سود حجبوا السماء، ونفسُها ملأها
الاسى وهي ترى الازهار التي زرعها حبيبها بيديه في حديقة المنزل تنهشها الغربان
وقائدهم يضحك ضحكته الصفراء محاولاً اقتحام غرفتها لينهش جسدها الطاهر.. تحدت
محاولاته الماجنة، ولم ترَ الا حبيبها وهو يقف بين الاشجار والازاهير التي قلعتها
عاصفة الغربان، يحتويها بكفيه، جاءت اليه وضمته الى صدرها بحنان، وادنت شفتيها من
شفتيه ثم داعبت بهما وجهه هامسة في اذنه .. امازلت تحبني؟ انحدرت دمعة من عينيه..
جلست على حافة السرير وقرأت على الصفحة الاولى من ديوانه اهداءه لها..
كوني قوية كالاشجار، ولاتكوني رقيقة مثل الازهار، لكنني
اريدك زهرة على صدري..
نعم انا زهرته، والعاصفة لم تكن مصادفة، فهي بدأت حين اغتالوه
وهم يلبسون ثياب الحملان..لقد احبني باخلاص، وحين كان يحدثني عن الحياة، كان
يحدثني عن نفسي... لقد كان قوياً وفي داخله قلب طفل .. لقد ابعدوه عني ولم يخن
عهده مع نفسه ان لا يخونني ، كنت أظنه حالماً ، فصار نزيلاً في مستشفى، فالكل متفق
ان عقله قد انتحر وصار منسياً. وعندما زرته في مستشفى الامراض العقلية، سألت
الطبيب: هل عرفني؟ اجاب الطبيب ذو الملابس السوداء.. انه مجنون .خرجت من سجن
العقلاء وساحتفل بعيد ميلاده .
توقد الشموع وتسهر مع كلماته ..
قد هنأت نفسي
بلقياك
وطَيّبَ عطرك
جسدي
وانت بجواري
حنيني اليك يزيد
سلام مجيد
تعليقات
إرسال تعليق