نوري بطرس
رغم ان معظم الكتاب لا يؤمنون بوجود شعر رجولي وشعر نسوي،
الا اننا سوف نبحث هذه الظاهرة التي برزت في عنكاوا في الاونة الاخيرة، حيث ظهرت
على الساحة الثقافية شاعرات ساهمن في المشهد الثقافي ولعبن دوراً مهماً في اغنائه.
ان اغلب الشعر النسوي الذي قرأناه في الصحف والمجلات
التي تصدر في مشهدنا الثقافي، يتميز بغلبة الطابع الرومانسي والوجداني عليه وتجربة
الذات الانسانية. ففي شعر (كنار الحكيم) هناك تناول حسي عاطفي ومستويات الهم
الذاتي ومصارحة الآخر وتحديه، ولغتها الفاضحة تارة والصوفية والوجدانية العميقة
والحكيمة تارة اخرى. صور الحب وانطولوجيا
الذات وتحرك في الحبول الغرائبي اللفظي والعاطفي. وتتحدى كنار مقولة "ادب النساء"
في خطابها الحياتي وارهاصات الذات الشاعرة المتوهجة حيث تقول: لا تستفزني.. اياك ان تلمس ازرار قميصي.. قد اثور.. فأنا لبوة
جائعة ، امزقك ان قبلتك.. انا غجرية في البراري . وحيث تقرأ عناوين قصائدها:
سامحني، لا تستفزني ،بربرية، همسات، ليلة، نزيف الاعوام، اشهد موتي، آثار حب
مجنون، الشريدة.
اما (جنان بولص) فهي ترسم عالماً جديداً وهي تغوص الى
اعماقه عبر تجربتها الحياتية، ورسم خارطة الحب الوجداني الرومانسي تارة وعبر تجربتها الحياتية تارة اخرى دون
مراوغة، والقصيدة عندها تتجدد وتتوالد بأستمرار ولا تنتهي عند مسار معين حتى عندما
تكون محاصرة بهذا الكم الهائل من القيم والمفاهيم والعثرات الاجتماعية، وتضخ صورها الشعرية في انسيابية
و وجدانية خالصة واضحة لاشتراطات الذات التي منحتها الهوية، تفضح تراكمات الماضي والسنين الخوالي وعرفت كيف تستبطن تجاربها من دافع معاش لكي
تتخلص من القيم الذكورية المهينة حيث تقول :في عينيك ابصُره حمل البندقية، ثارعلى الظلم والأسية، حارب من
اجل القضية.. وفي مقطع آخر تقول: احببتك ناسكاً في معبد الحب يهيم، ثم تقول:
تمنيتك عصفوراً لا يطير.. وتقول ايضاً: تراني احبك لا اعلم، سؤال جوابه مبهم.. اذن
انا الف احب واغرم. ونقرأ عناوين قصائدها: السمراء الريفية، الحرب والطفولة، غادة
وحواء، انت، اليوم قرر، الساعة الثامنة، العودة، الهاتف، ذكراك وقلبي، ايتها
السماء، الوهم، صلاة العمل، همسة.
والشاعرة
العنكاوية (فيفيان صليوا) تكتب قصائدها ضمن نسق راقٍ سرعان ما تحول الى رمز وجداني
كثيف وتوظيف الاسطورة في طرح هم الوطن المباشر. عاشت سنوات الطفولة في عنكاوا على
ركامات الصراعات والقهر الاجتماعي، وعانت من الاغتراب بعد رحيلها وغربتها، فعبرت
عن صرخات الاعتراض التي تنامت بسرعة في زخرفة لفظية في تجميل المفردات، تختار ظلال الماضي وكأنها
الروح مازالت تقبع هناك. في قصائدها مرارة التجربة ولسعة المنافي ورائحة الموت والقهر.
اصدرت ديوانها الاول (أحزان وفصول) في السويد وديوانها (اطيان) في دمشق. تقول
فيفيان :لقد ذهب جسدي ليذبل وحده، هنا
يضحك البرد بسخرية، هذه الوردة المنزلقة اليوم،على تربتي،مستعدة للموت، كل يوم يرى
ظلاماً اسمه الليل، لكن نرى فيه فيلسوفاً يبهرنا هو القمر. والشاعرة (نهى لازار)
كتبت في الاغراض الرومانسية والوجدانية، وهي تنتقد بدون توقيت او زمن. اصدرت ديوانها
الاول (توأم القمر) في 2001، وديوانها الثاني (اوجاع على مقصلة الحب) في 2007،
واجمل قصائدها كما تقول هي: ابي، ومضة صورة. تأثرت بالشعراء، محمود درويش، كولالة
نوري، عزيز ججو. شعرها حافل بالاشارات الرمزية والذهنية التي تشكل فضاء النص، ترسم
القصيدة الوجدانية في ايقاع حسي جميل واحساس طاغٍ بالرغبة والفعل، شفرات مرمزة في
ثنايا نصوصها، صراع نفسي حاد مع الاشياء ومن خلال تفاعلات الحياة، نقرأ احدى قصائدها:
قلبي غابة، لاتحمل اشجارها، غير الهموم، حواء، كرات ثلجية تصيبني بالغثيان، شفتاه،
فوهة البركان لا تقذف سوى التفاهات، وعناوين
قصائدها في توأم القمر هي: اجواء، القمر، البحر، فوضوي، الحظ، ناسك،دعاء، سمفونية،
ولادة، وردتي، كوكاميلا.
والشاعرة (دلال صليوا) التي تكتب قصائدها بالكوردية،
تأثرت في شعرها بالشعراء: نالي،كوران، دلدار، شيركو بي كةس، نزار قباني. شاركت في اغلب الامسيات الشعرية في عنكاوا
وخارجها، ونشرت في رديا كلدايا، بيث عنكاوا، ديانا، عليموثا، مجلة راويذ ولها ترجمات عدة. ويغلب على كتاباتها الطابع
الرومانسي الوجداني مع التجربة الحياتية الذاتية، وفي قصائدها مناجاة للهم
الانساني ورسم صورة مشرقة للعالم والكون والمجتمع، ونقرأ بعض عناوين قصائدها: روح
الميت، ربيع قلبي، زمان مضى، مقطع من مأساة، الى متى ننتظر، الغربة، تقول في قصيدة
الغربة: لا تكب دموعك، في نهر عميق، بدون امواج، او سفينة ليس لها شراع، و لا تغرد
البلابل للعاشقين. وفي مقطع اخر تقول: الى متى ننتظر تحت ظل شجرة، لكي نتسامر مثل
قلبين، فصل مضى، وسقطت الاوراق، والظلال توارت، الى متى ننتظر في رجاء عشقنا،
لنحمل همومنا معاً.
والشاعرة (تغريد حنا) رسمت مملكتها الخاصة على اساس
ديموقراطي ولكن للغربان، وهنا يحمل ديوانها (ديموقراطية مملكة الغربان)، رموزاً
وشواهد حية سرعان ما تحيل هموم الحياة الى عاصفة هوجاء لاتهدأ، ويظل يغور في صفاء
و راحة بال بحثاً عن اجابات في خارطة الكون. وقصائدها تحمل رومانسية الاحداث.
كلمات، خواطر، وداعاً للوطن، الرحيل، استعارة رغيف الروح، الصليب المنخور، احلام كبيرة،
الحزن، سرق دفاتري، انوثتي، ايامي مبعثرة، الغبار، الدخان، امرأة تطعن، من الرجولة،
البس ثوب الحداد، هدم مرافىء الذات، الكل مثواه الثرى، غراب في ختام القصيدة.
وفي شعر (سمر يوسف) نغوص في اعماق الذات الانسانية في
تجربة حياتية معاشة وهموم مثل فقاعة ودخان تهوى ثم تموت، ويلوذ الصمت في الكلمات،
تقول سمر: كتبت معه، لكنه تغير، بقى يمشي ويدمدم عبارات غير مفهومة، شبعت من شكوكه
الغجرية، ويلعب بالنار، يقطف زهرة الحب، يرميها في اللهب، جاءنا الليل والصمت
يأكلنا، حتى اكتمل انكسار الذات. والقلب الكريستالي، وفي غفلة تركني اداري جرحي ثم
رحل، وبقيت الكلمات. وفي مقطع آخر تقول: ارجعوا، الى متى ايها العشق ندع، خمرة
القمر في الليالي، تنكس على عتبة شباك القلوب الساكنة المقفلة .
المصادر
1- كنار الحكيم، نزيف
الاعوام. دار ادي شير للنشر 2004، وأيضاً شاكر سيفو في حجر الكتابة الاولى .
2- جنان بولص، نشرت قصائدها في رديا كلدايا وبيث عنكاوا
3- فيفيان صليوا، موقع ايلاف. جريدة الصباح العدد 5 كانون الاول 2007 العدد 1272
4- نهى لازار 1- توأم القمر.
بغداد 2001
2- اوجاع على مقصلة الحب، عنكاوا 2007
5- دلال صليوا،
نشرت في رديا كلدايا ، بيث عنكاوا، عليموثا ، ديانا، راويذ، ثةيامي ماموستا
6- تغريد حنا، ديمقراطية مملكة الغربان اربيل2007 مطبعة الحاج هاشم. اصدار
مكتب الاستاذ سركيس اغاجان
7- سمر يوسف، نشرت
قصائدها في رديا كلدايا
تعليقات
إرسال تعليق