طوبى لكم والويل لنا.... بطرس نباتي




أغفر لي سيدي .. لقد تجرأت ..مستخدما مصطلحك الذي لا يزال وسوف يبقى الى ابد الدهر متجاوزا بمضامينه الانسانية ، الزمان والمكان ،ومهما حاول سواء القدماء من الحكماء والمفكرين او المعاصرين منهم ان يأتوا بمثل ما نطقت به في موعظة الجبل، او جاؤوا من عندهم بما لا يمت الى تطويباتك بصلة، وهذه النتف  بعض منها ....
طوبى لمثقفي شعبنا الحقيقيين، من الذين يأبون ان يكونوا العوبة في كتاباتهم بيد السياسة والسياسيين، طوبى لمن لم يتناول في كتاباته التفرقة بين ابناء شعبنا على اساس التسميات او على  اسس دينية او مذهبية ، طوبى لمن يحترم قلمه ويأبى ان يكون للعرض وعند الطلب ، طوبى لمن يكتب بموضوعية ويقدم مادته وهو مرتاح الضمير والبال، طوبى لمن يشعر بان كتاباته عن المسيئين والفاسدين ستسبب له مشاكل ومعوقات، لا غنى له عنها في الحياة، طوبى للذي يسأل أغنياء الزمن القذر ، من أين لك هذا ؟ بدل الجواب يأتيه منهم التهديد والوعيد والشتم وانزال اللعنات،طوبى لكل من يسعى لبناء قاعة او بناية تخدم العمل الثقافي او يجمع فيها تراث شعبه ليحافظ عليه من الضياع ، طوبى لكل قلم مشاكس ومتمرد يأبى ان يكون سلعة، في سوق النخاسة الكتابية الضحلة ، طوبى لكل الذين يقدمون دراساتهم  وبحوثهم القيمة عن الادب والتراث والموسيقى والمسرح، ويودون ان يظهروا للعالم دور مثقفينا في هذه المناحي الثقافية والادبية ، طوبى لكل من يضحي بوقته من اجل أن تبقى لغتنا متداولة ومعترف بها كلغة حية وفاعلة، ويرسل أبناءه وبناته ليدرسوا هذه اللغة و(يدمر مستقبلهم العلمي) على حد قول بعض الادعياء الجدد المتبنين  للفكر القومي وهذا الفكر منهم براء ، طوبى لمن يوظف الحب والجمال في اشعاره كمادة للالهام الشعري، طوبى لمن يصر على ان لا تكون كلمات وتعابير الشعر بلغتنا المقدسة ، مقدسة أو محنطة داخل اروقة المعابد وعلى الرفوف، طوبى لمن  يصور الارض والحبيبة شيئين متلازمين لا يفصلهما حتى الموت ، طوبى لمن يتخذ من الموت عشقاَ سرمدياً بين الاحبة والارض البكر ، فالارض البكر يخصبها الالهة بالماء النازل من السماء ،لتورق وتزهر وتثمر كما الاحبة والعشاق .
الويل لنا لأننا نولَّد يسوع  اكثر من مرة ونميته لنقيمه مرات ، الويل لنا لأننا تنكرنا لكل المثل والقيم وأصبح همنا الوحيد ما نكدسه من اموال، الويل لنا لأننا نحتقر بشدة اخوتنا الصغار ولا نكرم غير السلاطين والتجار، الويل لنا لما فرطنا به من تراب، ارض الاباء والاجداد من اجل جاه او مال، الويل لنا ،لأننا نلوي الحقائق ونقلب الموازين ، نزدري ونرفض الرجل الصائب والناطق بالحقيقة ونمجد الكاذب والدجال، الويل لنا لأننا نسير خلف عشرات من أنبياء الدجل والنفاق تاركين الحقيقة يكتنفها الظلام ، الويل لنا نكرز باسم البشارة والسلام ، وتحت ابطنا خناجر مسمومة وتحت جلبابنا سيوف للحقد والانتقام،الويل لنا لو كرهنا احدا لتمنينا ان نعلق في رقبته حجر الرحى ونغرقه ولو كلفنا ذلك ان نغرق معه في ذات المياه والبحار، الويل لنا اذا سعينا لفتح دور اللهو غير البريء وعزفنا عن بناء المسارح ودور الثقافة وتداول الافكار. 

تعليقات