زرته في ورشته الفنية المكتظة بحميمية
الاشياء، صور الذكريات، ادوات موسيقية متنوعة، اجهزة تسجيل وعُدد نجارة لصنع آلات
موسيقية مبتكرة وتقليدية، هنا ارشيف سنوات طوال من العمل والمعاناة والتدريب
والحقوق التي غمطت باللامبالاة. التقيته شخصية عفوية وحديث تلقائي متدفق، الامر
الذي شجعني على الاسترسال معه في اسئلتي، رغم ما ساورني من شعور بالحيف الذي يلحقه
الاهمال بفنانينا الذين اشعلوا شمعة اعمارهم في اضاءة حياتنا بجمال الصوت واللحن
والكلمة.. فسألته:
·
كيف بدأ حبك للموسيقى ومتى؟
-
احببت الموسيقى والغناء منذ طفولتي، و في المرحلة الابتدائية كنت اردد
الاغاني كثيراً واعزف الموسيقى بفمي.
·
اين ومتى درست الموسيقى ؟ ومن هم ابرز أساتذتك؟
-
درست في معهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1956، ومن أساتذتي: غانم حداد عازف
الكمان الشهير والمرحومين حسام الجلبي و منير بشير و روحي الخماش وغيرهم.
·
أي الالات الموسيقية تخصصت بها؟ ومن هُم الذين زاملوك؟
-
أحببت العود بالدرجة الاولى ودرسته، كما تعلمت العزف على الكمان ومارست
العزف عليه في فرقة النشاط المدرسي عام 1970 كعازف متخصص.
·
حدثنا عن بعض ذكرياتك مع الفنانين؟
- كثيراً ما كنت اجلس مع الاستاذ المرحوم (جميل
بشير) العازف المبدع الذي زكاني عند الدخول الى المعهد، وكان يعزف لي و انا اغني،
وقال لي انك ستصبح عازفاً بارعاً حيث كنت من الاوائل حتى تخرجي عام 1960.
·
كمدرس للموسيقى، ما هي هموم تدريس هذا الفن؟
-
اكثر ما يؤلم هو عدم تشجيع الاهل لابنائهم الراغبين بدراسة فن الموسيقى
وخاصة لآلة العود، لقد كان لي بين عامي 1975-1990 دار للفنون الموسيقية في ناحية
بعشيقة، وكان اقبال الطلبة عليها كبيراً وتخرج فيها الكثير من الفنانين، وكان
يساعدني في التعليم الاستاذ المرحوم (نجم عبد الله منصور) وهو احد طلابي. وقد توقف
التعليم في الدار بسبب النقص في الالات الموسيقية، وعدم مقدرة الاهالي على شراء
الالات الضرورية للدراسة.
·
ما هو تصورك لما يؤدي الى تقدم فن الموسيقى عندنا؟
-
لا يوجد تقدم في الموسيقى ان لم تتوفر محلات لبيع الالات الموسيقية، ومراكز
لتعليم الموسيقى، و توفير كادر تعليمي مختص ومدعوم مادياً، والاستفادة من العطلة
الصيفية لتطوير الموهوبين وتشكيل الفرق الموسيقية لهم.
·
ما هي المشاكل والمعوقات التي واجهتك في مسيرتك الفنية؟
-
واجهتني جملة مشاكل منها: اني في بداية تعييني رشحت لبعثة، الا اني حُرمتُ
منها لبعض الاسباب، و قد بقيت بعيداً عن تخصصي كمدير لمدرسة خارج سنجار و مع هذا
كنت اتمرن واعزف واعلّم، و قد احييت عدة حفلات في قضاء سنجار و لم أتلقَّ التشجيع
والاهتمام المطلوبين.
· هل برز بين ابنائك من يهتم بالفن؟
-
لقد تخرج ولدي الاول (احسان اديب) في معهد الفنون كعازف قانون، وبعدها عمل
في موسيقى الجيش كعازف كلارنيت، وكان آمراً للجوق الموسيقي في تكريت لثلاث سنوات،
وبعدها آمراً للجوق الموسيقي بالموصل لمدة خمس سنوات. اما ابني (غسان اديب) فله
حنجرة ذهبية و هو يغني لـصباح فخري والبياتي والغزالي. والثالث (سبهان اديب) فنان
فلكلوري من الدرجة الاولى و له مشاركات عديدة.
·
كيف هو تقبل محيطك الاسري والاجتماعي لك كفنان؟
- ممتاز جداً، خاصة وانني اقوم باحياء
جميع حفلات الاهل والاقارب في دورهم أو النوادي على آلة العود.
·
ما الشروط الضرورية لنجاح دارس الموسيقى؟
-
الموهبة والرغبة اولاً، و من المهم توفر المحل المناسب للتعليم من قاعات
واجهزة موسيقية وصوتية، وكثيراً ما قلت لمنظمات في مجتمعنا ان يهتموا بفتح دورات
موسيقية دون ان اجد صدى "مع الاسف".
·
كيف تنظر الى الموسيقى والغناء اليوم؟
-
اصبح الغناء والموسيقى مجالاً لكل من هب و دب، وكل من رفع صوته الهزيل يقول
انا فنان بلا منافس.. وهذه مهزلة ايامنا التي ابعدت الفن الجاد والاصيل.
·
ما سبب افتقارنا الى الاصوات النسوية الجيدة؟
-
هناك اصوات نسوية جيدة، لكن لا يوجد تشجيع لا من الاهالي ولا من اية جهة
اخرى، وهناك اصوات متميزة جداً في جوقات الكنائس بحاجة الى صقل وتدريب وعناية.
·
استاذ اديب.. لو بدأتَ من جديد، هل ستختار ذات الطريق؟
-
كلا !! لان الفن في العراق يتراجع خلافاً للدول العربية، فهو عندنا يُعرقل
من جهات عديدة لا تعرف قيمته.
·
ايمكن ان يكون الفن مصدراً للعيش؟
-
لدى البعض نعم، انا شخصياً امارس واعلم وادعم لكني لو لم اكن متقاعداً ذو
دخل معلوم لقضيت جوعاً، فقد عملت منذ شبابي في الفن وعلى مدى نصف قرن اقمت الكثير
من الحفلات والمشاركات كلها مجانية من البداية للنهاية.. اللهم كتاب شكر!!
·
ماذا اخذت منك الموسيقى وماذا اعطتك؟
-
اخذت الموسيقى كل عمري.. وكانت تلبي هوايتي و ولعي.
·
عبر لنا بحرية عما تريد قوله حول الفن أو الحياة.
-
ان ما يحز في نفسي عند الحديث عن الموسيقى ويضيق به صدري، هو ان صغار
الموسيقيين الذين تلقوا التدريب والمعرفة على يدي يتنكرون لي و لفضلي ويداخل
قلوبهم الحسد.
·
ما هي انجازاتك في التلحين والتأليف الموسيقي؟
-
قدمت العديد من الالحان والاناشيد.. في عام 1970 لحنت وجددت الحاناً
فولكلورية قديمة، قدمتها من تلفزيون نينوى ونالت في مهرجان الربيع بالموصل اعجاباً
جماهيرياً كبيراً. كتبت ولحنت انشودة (الشهيدة) التي اخذها مني احد منتسبي قناة
عشتار الفضائية، وحتى اليوم أجهل مصيرها.
·
من عاصرت من المطربين.. والى من تستمع؟
-
من العراقيين، ناظم الغزالي، شعوبي ابراهيم، وسعد البياتي، ومن العرب، ام
كلثوم وفريد الاطرش.
·
ما رأيك بالجوقات الكنسية ومدى جدية الاهتمام بها؟
-
عادة لا يتم الاهتمام باعضاء الجوقات من قبل الموسيقيين المحترفين لوضعهم
على الطريق الصحيح، فغالباً ما يخرج ترتيلهم عن الايقاع ويذهبون الى النشاز
الصوتي، لان هناك تفاوتاً في الصوت والاداء، وهذا التفاوت يحتاج الى الخبير الذي
يجعل الاداء الجماعي منسجماً، كما يتطلب وعياً بقيمة الموسيقى وقدرتها على تجديد
الروح، من قبل الاب الكاهن.
·
من هم ابرز طلابك في الموسيقى؟
-
الاستاذ الفنان (دلشاد محمد سعيد)، والمرحومان (نجم عبد الله منصور و لازم
يوسف خديدة)، والأستاذان (رجا عيدو و مال الله خلات)، وهما اساتذان في معهد الفنون
الجميلة، وان جميع فناني بعشيقة وبحزاني هم طلابي.
* الرائد: تطلق على من عمل في الموسيقى
لمدة (25) سنة أو اكثر
منشور في جريدة بيث عنكاوا العدد 43
حاوره: مبدع ماهر حربي
السيرة الذاتية:
أديب حنا الياس السمعاني
مواليد 1939، تخرج في القسم الصباحي في
فرع الموسيقى عام 1959، معلم متقاعد/ محاضر بمعهد الفنون الجميلة للبنات.
اول من شكل الفرقة الشعبية بالموصل عام
1972 مع فرقة موسيقية متكاملة، واحيا عشرات الحفلات والسهرات الموسيقية.
شارك في مختلف الفعاليات الموسيقية
والاحتفالات داخل العراق منها: مهرجان الربيع، مهرجان الحضر، بابل، المربد، بغداد
الدولي لعشرين سنة، معسكرات الطلائع وغيرها.
قدمه تلفزيون نينوى ببرنامج "في
بيوت المبدعين"/ 2004
قدم عملاً فيه اغان فولكلورية لتلفزيون
اشور/ 2005
حصل على المرتبة الرابعة في برنامج
مواهب/ 2003
حصل على شكر متميز من مديرية شباب
نينوى/ 2005
قدم اوبريت الزفة في بعشيقة من كلماته
والحانه. من زملاء دراسته: الفنان (فاروق هلال)، المرحوم الدكتور (خالد ابراهيم)،
الاستاذ (خالد الماشطة) والاستاذ (فؤاد عثمان).
تعليقات
إرسال تعليق