عظة ملك الحيوانات
جمع ملك الحيوانات ذات يوم الوحوش وقام فيهم واعظاً فقال:
ايها الاخوان ان الناس غاضبون وساخطون علينا كثيراً لِما
يقع منا من تعدّيات ومظالم. فيجب ان نكف عن التعدّي على
الناس ولا نؤذي احداً منهم لان التعدي يخالف العدل ولا يليق
بنا ان نخرق العدل. فالعدل شرعة الخالق في خلقه، فان فسد
العدل ، فسد المجتمع.
فانتصب الذئب وقال :) هل يأذن لي مولاي الملك بالكلام؟(
. فاذن له الملك فقال الذئب : ) اذا وجدنا انسانا مقتولا في
الحقل وقد قتله اخوه الانسان بمسدس او بسكين ؟ امضى من
انيابنا فاكلناه لئلا ينتن ويفسد الهواء. انكون خرقنا العدل؟ (
ونهض الثعلب واستأذن الملك بالكلام وقال :) مولاي رأيت
انساناً قد سرق دجاجات جاره وأخفاها في مكان، فسرقت منها
دجاجتين واكلتهما فهل خرقت العدل؟( .
ونهض الضبع واستاذن الملك بالكلام وقال : ) رأيتُ شاباً
يطارد فتاة وقد خدّش وجهها ويديها وجسمها، فلما شاهدني
تركها وهرب فارتمت الفتاة على الارض من الخوف والتعب،
فهجمت عليها اغرز انيابي في لحمها الطري فقالت وهي على
آخر رمق من الحياة: انك وحشي اقل شراسة من ذاك الذي كان
يريد تدنيس شرفي واهلاك نفسي ) فهل اكون قد خرقت العدل؟
(، ثم مررت بغاب فرأيت عشرات الرجال مخضبين بدمائهم من
جراء قنابل الطائرات ودمهم يجري على الارض هدرا،
فامتصصت منه شبعي فهل خرقت العدل؟ .. فانقضى الملك وهو
غاضب فقال : ) اهذا ما يفعله الناس بعضهم ببعض ويوجهون
الينا الغضب والسخط والانتقاد؟ فاذا كانت هذه حالهم وهم
المتحدثون واصحاب الشرائع والقوانين فما تكون حالنا نحن
سكان الغاب وليس لنا شرائع ولا قوانين، فلنستمر نقتل بهم
فتكاً الى ان يمارسوا العدل فيما بينهم اولاً فنمارس نحن العدل
معهم .
لله ما اصدق هذا الكلام وكم ينطبق علينا الآن كما في الامس
والعصور الغابرة وكم سيظل ينطبق على الاجيال القادمة بعدنا
ان نحن لم نتدارك الامر الآن وليس غداً، هذه القصة تعبر عن
مجتمع نعيش فيه)غابات ضمن غابة( فالقوي يأكل الضعيف
والكبير يلتهم الصغير، والويل لمن ليس له سند يعضده وقت
الشدة ان هو تخطى حدوده وسمى الاشياء باسمائها الحقيقية
.والويل لي ان انا لم أُسِكتْ قلمي الآن قبل فوات الاوان .
من مجلة: حياتنا الشباب
الاخت افراسيا
تعليقات
إرسال تعليق