الكلدان في المعاهدات والمواثيق الدولية

الكلدان في المعاهدات والمواثيق الدولية


برزت القضية الكلدانية على مسرح الاحداث بعد الحرب العالمية الاولى واثناءها وبالتحديد عندما لاحت في الافق مسألة هزيمة الدولة العثمانية على يد الحلفاء، واخذت القوميات الصغيرة التابعة لها والمنضوية تحت لوائها بحقوقها المشروعة. واخذت الدولة تشن حرباً شعواء لا هوادة فيها ضد كل من يدعي او يطالب بحقوقه المشروعة بل شنت حرب ابادة جماعية ضد تلك الاطياف، وخاصة ضد المسيحيين من الكلدان والارمن والاشوريين، راح ضحيتها الالوف من البشر ومازال صداها يسمع حتى يومنا هذا، وبعد ان ذبحت اكثر من ثلاثين الف ارمني اخذت تتعقب الكلدان قرية بعد اخرى حتى قامت باحتلال تلك القرى كاملة في حملات التهجير
والتشريد والابادة وقتل اثناءها رئيس اساقفة سعرد المطران الكلداني ادي شير عام 1915 ، وعندما اعلنت معاهدة سايكس بيكو عام 1916 عن اسرارها بعد انسحاب روسيا من الحرب عام 1917 وكشفت ما يحاك من وراء الكواليس اصبح معظم المسيحيون وبضمنهم الكلدان يتبعون ولاية الموصل حيث قسمت العراق الى ثلاث ولايات. بينما اقرت عصبة الامم التي انشأت عام 1918 حماية حقوق القوميات الصغيرة على اساس نظام الوصاية الذي اقر من قبل العصبة واعطت الضمانات الدولية بذلك وشكلت هيئة
استشارية من قبل منظمة العدل الدولية للتحقيق فيما اذا كان العراق ملزماً بتطبيق ذلك بموجب القوانين الدولية. وبعد انتهاء الحرب العالمية عام 1918 اعلن الرئيس الامريكي ويلسون بنوده الاربعة عشر والتي تضمنت من  الاستقلال للقوميات التابعة للدولة العثمانية، وكانت هذه المباديء هي المقررات التي اعلنت في معاهدة سيفر عام 1920 ولكن حكومة اتاتورك
عرقلت ابرام اية اتفاقية بعد اعلان هذه المعاهدات، وفي معاهدة لندن عام 1921 اهملت كافة الحقوق المتعلقة بالقوميات الصغيرة القاطنة ضمن حدود ولاية الموصل، وفي معاهدة لوزان عام 1922 حيث ادرجت مشكلة الموصل في جدول الاعمال فيما يتعلق بحقوق القوميات الصغيرة وحيث يشكل الكلدان اغلبية المسيحيين القاطنيين ضمن حدود ولاية الموصل، كما ان الحكومات المتعاقبة على حكم العراق لم تعط اية ضمانات لهؤلاء منذ اعلان نظام الانتداب في عام 1932 فيما يتعلق بالحقوق المدنية الاساسية لسكان ولاية الموصل وشنت عمليات ابادة في تلك الفترة ابان الحكم الملكي راح ضحيتها الآلاف من الكلدان والاشوريين، وحتى البيان
الدستوري للمملكة العراقية لم يتضمن الضمانات الدولية الخاصة بالاقليات والقوميات الصغيرة وخاصة الاقاليم الواقعة بين نهري دجلة والفرات والتي سميت بمهد الحضارة وعاش فيها الكلدان منذ القدم، ورغم صدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان منذ عام 1948 لجميع اعضاء الاسرة البشرية على اساس العدل والمساواة والسلام، الا ان هذا الاعلان لم يلق اذناً صاغية من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة بعد كل ماجرى للعرب والاكراد والمسيحيين بجميع اطيافهم، وفي عام
1961 انطلقت ثورة ايلول التحررية من اجل المطالبة بحق الاكراد في اقامة كيان لهم والتمتع بكافة حقوقهم القومية،وساهم الكلدان في تلك الثورة وذهب الكثيرون منهم شهداء على ارض كوردستان مع اخوانهم الكورد، وفي عام 1969 تعرض الكلدان الى ابادة جماعية عندما هاجم النظام الدكتاتوري قرية صوريا الكلدانية واستشهد 42 وجرح 45 فرداً من سكان القرية في يوم واحد الا وهو يوم 1969/9/16 كما استشهد القس حنا يعقوب راعي الكنيسة بسبب دفاعه عن الحق. وبعد انهيار اتفاقية اذار للسلام عام 1974 توجه العشرات من الكلدان للالتحاق بثورة كولان التحررية مع اخوانهم البيشمركة في المناطق الجبلية واستشهد العديد منهم في العمليات القتالية ضد النظام الدكتاتوري، وفي عام 1988 شهدت كوردستان ابشع عمليات الابادة الجماعية بالاسلحة الكيمياوية ضد جميع القاطنين في المنطقة وعمليات التهجير والترحيل، تلك التجربة القاسية التي ادانها المجتمع الدولي وصدرت بحقها القرارات الدولية من الامم المتحدة، وفي مؤتمر باريس 1990 اقرت مسألة التعددية السياسية في الانظمة ذات الحزب الواحد او الحزب الحاكم وضد الانظمة الشمولية والدكتاتورية، وفي عام 1991 تشكلت الجبهة الكوردستانية ورفع شعار حماية حقوق كافة القوميات والاطياف التي تعيش ضمن حدود كوردستان، ولاننسى استشهاد عائلة كلدانية باكملها خلال عمليات الابادة التي شنها النظام الدكتاتوري ضد كوردستان وهرع الآلاف منهم الى المناطق الحدودية هرباً من بطش النظام، وبعد تشكيل اول برلمان كوردي في
1992/5/19 والاقرار بالنظام الفدرالي ابتهج الكلدان مع بقية اخوانهم سكان كوردستان املاً في الوصول الى حقوقهم المشروعة، بعدها اعلنت الامم المتحدة وبقرار رسمي صادر من مجلس الامن الملاذ الآمن للاكراد الى خط عرض 32 جنوباً وللعرب في الوسط والجنوب الى خط عرض 36 شمالاً، وخلال حرب الخليج الثانية اعلن المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للامم المتحدة قراره 1993 فيما /8/ المرقم 1296 في 24 يتعلق بالمشاكل المزمنة لحماية حقوق القوميات القاطنة في العراق من العرب والاكراد والكلدان والاشوريين وعرب الاهوار والتركمان وفرض نظام الوصاية الخاص بمساعدتهم، وبعد ان سحبت الحكومة المركزية في بغداد ادارتها من كوردستان بعد قيام الانتفاضة المباركة اخذ المجتمع الدولي يلبي احتياجات المنطقة، وفي مؤتمر باريس في مؤتمر فينا عام 1993 اقرت مسألة منح القوميات الصغيرة حكماً ذاتياً والتي تخضع للانظمة الشمولية والدكتاتورية وبذلك فتح المؤتمر نوافذ جديدة وافكار وافاق وفهم مشترك للقضايا الجوهرية التي تتوزع عليها التركيبة الاجتماعية للامم والشعوب، وفي عام 2000 عقد مؤتمر معهد العراق للاصلاحات والثقافة الديمقراطية في اربيل والذي خرج بنتائج وتوصيات في المجال الاجتماعي والثقافي واقر بالتعددية الثقافية لكافة اطياف الشعب العراقي من عرب واكراد وكلدان واشوريين وتوركمان وشيعة وسنة وصابئة ويزيديين وغجر وهي تتعايش كلها في العراق، وناقش المؤتمر مشروع التعددية السياسية والعمل على اقامة مجتمع مدني في العراق والتطور التدريجي في تطبيق الفدرالية وحماية القوميات والاطياف العراقية كافة كشرط اساس للاستقلال الوطني في الوقت الذي
اساءت الانظمة الدكتاتورية المتعاقبة على حكم العراق الى تلك الضمانات. ومنذ  عام 2006 وقد طرح مشروع سهل نينوى للحكم الذاتي للكلدان والسريان والاشوريين وهو قيد البحث والدراسة.

منشور في العدد 20 

تعليقات